انتهي عام 2009 بكل إنجاراته ونكساته، وفي هذا التقرير نلقي نظرة على أبرز أفلام وأحداث 2009 السينمائية الذي بدأ العد التنازلي على رحيله.. ومع اختلاف آرائكم حول تأثيرها على مستقبل صناعة السينما سواء بالسلب أم الإيجاب، إلاّ أنه ممّا لاشك فيه ساهمت في تحديد معالم خارطة سينما جديدة للأعوام المقبلة.
* "إبراهيم الأبيض".. العودة لسينما العنف:
من أبرز معالم 2009 السينمائي هو العودة لسينما العنف من خلال فِلم "إبراهيم الأبيض" الذي عُرض في صيف هذا العام، ورآه الكثير من النقاد والجمهور أنه لم يكن اختياراً موفقاً من جانب بطله أحمد السقا في المقام الأول، خاصةً بعد آخر أفلامه "الجزيرة" الذي قدّمه قبل عامين، ونال عن أداءه فيه إشادة طيبة للغاية من أغلب رموز النقد في العالم العربي، وقد كانت أبرز الاتهامات الموجّهة للفِلم مشاهده العنيفة المغلّفة بكم كبير من الدماء، وخلو قصته التي من تأليف الممثل عباس أبو الحسن في أولى تجاربه كمؤلف من أي مضمون أو رسالة.. وقد وصل حد الهجوم على السقا في الفِلم إلى حد وصف البعض له بـ"الأكذوبة"!
* هيفاء وماريا ولاميتا ودومينيك.. وأول ظهور سينمائي:
شهد عام 2009 خوض المطربة اللبنانية هيفاء وهبي لأولى تجاربها السينمائية من خلال فِلم "دكان شحاتة" للمخرج خالد يوسف، والذي على الرغم من أنه كان من أبرز الأحصنة الفائزة في سباق الموسم السينمائي الصيفي بسبب رغبة الجمهور الفضولية في مشاهدتها فيه، خاصةً بعد كمّ الدعاية الذي سبق عرضه بشأن تأديتها لمشاهد ساخنة فيه، وحادثة اعتراض المصريين الشهيرة على تصويرها لبعض مشاهد الفِلم في جامع الحسين.. إلاّ أنه لم يحقّق لهيفاء النجاح على المستوى المهني؛ حيث رأى العديد من النقاد أنها كانت غير ملائمة تماماً لتجسيد الفتاة المصرية "بيسة" سواء في اللهجة أو ملابسها الضيقة التي لا تليق بفتاة صعيدية.
كذلك شهد عام 2009 الظهور السينمائي الأول لعدد من المطربات اللبنانيات هن ماريا في "بدون رقابة" للمخرج هاني جرجس فوزي، والذي تكرّر تعاونها معه في فِلم "أحاسيس" المرتقب عرضه في أول 2010، ودومينيك حوراني في فِلم "البيه رومانسي" مع محمد إمام في أول بطولة مطلقة له، وعارضة الأزياء لاميتا فرنجية في فِلم "حد سامع حاجة" مع رامز جلال.
* "إحكي يا شهرزاد" وموسم الهجوم على منى زكي:
قد يكون فِلم "إحكي يا شهرزاد" هو أكثر أفلام عام 2009 التي نالت نصيبها الوافر من الدعاية قبيل عرضها، وذلك من خلال حملة الهجوم الضخمة التي شُنّت على بطلته منى زكي، بدعوى ضمّ العمل لمشاهد غير لائقة لها شوّهت صورة "الفتاة الرقيقة" التي اعتاد جمهورها أن يشاهدها فيها.. والتي حاول بعض أصحاب النفوس الضعيفة أن يستغلّوها لخلق شائعات عن انفصال منى زكي وزوجها الفنان أحمد حلمي!
قد تكون منى زكي أرادت بهذا الفِلم فعلاً أن تخرج من نمط "الفتاة الرقيقة"، ولكن هذا هو الطبيعي لممثل يرغب في التجويد، وتطوير أدواته من فترة لأخرى، والدليل على هذا أنها اختارت لهذا الغرض مخرج تتعاون معه للمرة الأولى هو يسري نصر الله، المعروف بانفتاحه الفكري ونظرته غير التقليدية للأمور، وما أغفله الكثيرون هو أن منى زكي كانت واعية بالقدر الكافي في عدم إخابة ظن جمهورها؛ بتقديمها في الفِلم لحواء القرن الحادي والعشرين العصرية، والمناقشة لقضايا بنات جيلها دون أي رتوش، ولكن بصورة شرقية محافظة وغير خادشة للحياء كما صوّرها العديدون الذين سنّوا أقلامهم ضدها حتى قبل عرض الفِلم.
* "ولاد العم".. الصورة "الحقيقية":
وأثبتت منى زكي فعاليّة ذلك التطوير الذي نشدته في "إحكي يا شهرزاد" من خلال جديدها الثاني في 2009 "ولاد العم" في عيد الأضحى؛ بتجسيدها للزوجة المصرية التي خُدعت في زوجها الذي اتّضح أنه جاسوس إسرائيلي، وبراعتها القصوى بشهادة الجمهور والنقاد في التعبير عن المشاعر المتضاربة لتلك الشخصية إزاء زوجها بعد علمها بحقيقته المفزعة، خاصةً وسط محاولاته المستميتة طوال أحداث الفِلم لتبسيط الأمور عليها، وتقبّل الأمر الواقع بكل ترحاب.
كان فِلم "ولاد العم" بدون أدنى مبالغة "مسك الختام" لعام 2009، والذي يُحسب له أنه قدّم وللمرة الأولى في السينما المصرية الصورة "الحقيقية" لعلاقة إسرائيل بالعرب بعيداً عن كل معاهدات السلام، والتي تحوي في طيّاتها كل أنواع الشر في حال تضارب المصالح والأفكار، وذلك بفضل حبكة السيناريست الواعد عمرو سمير عاطف، المغلّفة بجو تخابر مثير، وتفوّق في تجسيدها على الشاشة كريم عبد العزيز وشريف منير ومنى زكي، وأخرجها ببراعة المحنّك شريف عرفة، لتكون المحصلة النهائية "توليفة" مضاهية لأفلام هوليوود الحركية حقّقت في الأسبوع الأول من عرضها فقط ثمانية ملايين جنيه! وهو ما يُثبت للعالم أن صنّاع السينما العرب قادرون على المنافسة عالمياً بتقديم سينما لا تخجل من مناقشة بعض قضاياها الحسّاسة بكل صدق وبحرفية عالية.
* حلمي ومكي.. نجاح مقتبس:
واصل أحمد حلمي بجديده هذا العام "1000 مبروك" السير على كوميديا فِلمه السابق "آسف على الإزعاج" الخاصة جداً والغير شائعة في عالمنا العربي.. لكن المفاجأة أنه كسب من خلالها الرهان بحوزها على إعجاب جمهوره من جميع الفئات والأعمار، وتوّجته دون منازع "ملك صيف 2009"، والتي امتد نجاحها والإقبال عليها حتى عيد الفطر المبارك! وهو ما يؤكد أن قاعدة "الجمهور عاوز كده" زائفة وليس لها أساس من الصحة.
وقد أشارت بعض التقارير الصحفية قبل عرض الفِلم أنه مقتبس عن الفِلم الأمريكي Groundhog Day إنتاج عام 1993 ومن بطولة بيل موراي، لكن حلمي استطاع تبرئة نفسه من ذلك الادّعاء بالإشارة في أول الفِلم إلى أن قصته مستوحاة عن أسطورة إغريقية، وهو ما يعني أن الفِلم الأمريكي نفسه مستوحى عنها.
فِلم آخر وُجّه له تهمة الاقتباس من فِلم أجنبي في 2009 هو "طير إنت" لأحمد مكي، حيث أُشير إلى أنه مستوحى عن فِلم Bedazzled، ولكنه رغماً عن ذلك لاقى إعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء، وكان من أبرز الرابحين في سباق الموسم السينمائي الصيفي.. والسر في ذلك هو تطوير أحمد مكي لأدواته التمثيلية عن فِلمه السابق "H دبور"، وظهر ذلك جلياً في براعته بتجسيد شخصيات عديدة ومتنوعة بالفِلم، إلى جانب تشيكله مع زميلته بالعمل دنيا سمير غانم "دويتو" لطيف راق للجميع، لا سيما في أغنية الفِلم "دوّر بنفسك".
* "بوبوس".. سقوط "الزعيم"!:
شهد عام 2009 وللمرة الأولى فشل أحدث أفلام "زعيم الكوميديا" عادل إمام "بوبوس" بتحقيقه لإيرادات متوسطة وأقل بكثير من إيرادات أفلام إمام السابقة، والذي لاقى عنه والفنانة يسرا هجوماً نقدياً حاداً بسبب كم الإفيهات الجنسية التي احتوته، والمشاهد الجريئة التي جمعت بينهما في الفِلم، والتي أشار بعض النقاد إلى أنها غير ملائمة لعمرهما.
* تامر حسني.. "حوت" إيرادات جديد
كثير من أفلام 2009 حازت على إشادات نقدية.. ولكن كان الفائز على المستوى الجماهيري فقط هو فِلم "عمر وسلمى 2" للمطرب تامر حسني الذي لم يختلف عليه اثنين، وحقّق للمرة الأولى إيرادات فاقت كل إيرادات أفلامه السابقة، ممّا يجعله ينضمّ لصفوة "حيتان" الإيرادات، ومنافساً شرساً لا يستهان به من قِبَل منافسيه في الأعوام المقبلة.
ويكمن سر نجاح تامر حسني السينمائي في امتلاكه قاعدة جماهيرية عريضة اكتسبها من الغناء، فضلاً عن إدراكه مبكراً أن السينما هي التي تحفظ التراث الغنائي للمطربين، لذا كان حريصاً على التواجد في السينما كل عام بخلطة مميّزة تلقى الإعجاب، وبالأخص بين المراهقين وصغار السن الذين يمثّلون النسبة الأكبر من جمهور السينما.
* هنيدي "أمير البحار".. الكبير كبير:
نافس محمد هنيدي ذلك العام بفِلم "أمير البحار" من تأليف يوسف معاطي في ثاني تعاون بينهما بعد "رمضان مبروك أبو العلمين حمودة"، والذي كان ندّاً لفِلم "ولاد العم" في تحقيق أعلى الإيرادات بعيد الأضحى المبارك، وناقش للمرة الأولى في السينما المصرية قضية "قرصنة السفن"، وأثبت هنيدي من خلاله أن مازال في جعبته الكثير كي يقدمه لجمهوره الذي بدأ معه مسيرة الثقة منذ فِلم "إسماعيلية رايح جاي"، وكان من أبرز ملامح الجذب إلى الفِلم المشهد الذي يردّد فيه محمد هنيدي عبارة "المصري ماينضربش"، وهو ما أثار مشاعر الكثيرين، رغم أن الفِلم تم تصويره قبل أحداث مباراة مصر والجزائر لكرة القدم.
* ثمانية مخرجين جدد:
شهد عام 2009 ميلاد ثمانية مخرجين، من بينهم المخرج محمود كامل الذي قدّم ثلاثة أفلام دفعةً واحدة وفي عام واحد هي "ميكانو " الذي شهد بالمناسبة أولى تجارب الفنان السوري تيّم حسن في السينما المصرية، و"عزبة آدم" و"أدرينالين"، وهو أمر لم يحدث حتى في تاريخ السينما العالمية، بالإضافة إلى المخرج إسماعيل فاروق الذي قدّم في ذلك العام فِلمين هما "إبقى قابلني" و"الأكاديمية".
* إنفلونزا الخنازير.. خسائر بشرية واقتصادية:
كان ظهور فيروس إنفلونزا الخنازير المعروف بـH1N1 في 2009 بمثابة "بعبع" هدّد السينما المصرية، حيث عقب إعلان وزارة الصحة العالمية عن تحوّل الفيروس إلى وباء عالمي، قام عدد كبير من أصحاب دور العرض بإغلاقها خوفاً من انتشار الفيروس، خاصةً وأنها أماكن مزدحمة وغير جيدة التهوية، وهو ما تسبّب في تراجع حاد بإيرادات الأفلام المعروضة، وخسائر مالية لشركات الإنتاج قُدّرت بملايين الجنيهات، وقد كان من الصور الطريفة التي صاحبت تلك الظاهرة قيام الشركة المنتجة لفِلم "المشتبه" بتوزيع الكمامات الطبية على الجمهور لمنع انتشار الفيروس من ناحية، ولتشجيع الدخول والإقبال على الفِلم من ناحيةٍ أخرى.
* مرور الكرام:
وكما الحال في كل عام، فقد عُرضت العديد من الأفلام التي مرّت مرور الكرام على المشاهد، وذلك إمّا لضعف مستواها الفني، أو لأنها ظُلمت بالعرض في توقيت غير مناسب، أو لعدم توافق عناصرها الفنية ببعضها البعض، وأبرزها "رامي الإعتصامي" لأحمد عيد، و"شعبان الفارس" لأحمد آدم، و"صياد اليمام" لأشرف عبد الباقي، و"الدكتاتور" لمايا نصري، و"إبقى قابلني"، و"الأكاديمية" الذي تبرأت منه بطلته علا غانم، و"أيام صعبة" لهشام عبد الحميد، و"أعز أصحاب" لأحمد فلوكس، و"حفلة زفاف" الذي شهد أولى تجارب محمد رياض في الإنتاج السينمائي، و"مجنون أميرة" للمخرجة إيناس الدغيدي، و"المشتبه" الذي تبرأ منه عمرو واكد، و"الحكاية فيها منة"، و"العالمي" ليوسف الشريف، و"دكتور سيليكون" للمطربة اللبنانية مروى.
* نقابة الممثلين.. سيطرة نسائية:
شهدت انتخابات نقابة المهن التمثيلية هذا الشهر حدثاً هو الأول من نوعه في تاريخ النقابة، وهو فوز ثلاث فنانات هن نهال عنبر ونشوى مصطفى وصابرين بعضوية مجلس النقابة، بعد أن جرت العادة أن يضمّ المجلس سيدة واحدة على أقصى تقدير، والتي كانت ممثلة المرأة فيها هي الفنانة فاطمة مظهر.
* تألّق الكبار:
كان عام 2009 فرصة لمشاهدة بعض النجوم الكبار الذين أضفى حضورهم على الشاشة الفضية بريقاً من نوع خاص، ومنهم محمود عبد العزيز الذي تألّق في شخصية "عبد الملك زرزور" بفِلم "إبراهيم الأبيض"، ومحمود ياسين في "الوعد" و"عزبة آدم"، وإلهام شاهين في "خلطة فوزية" و"واحد – صفر" اللذان نالت عنهما نصيباً وافراً من الجوائز من مهرجانات سينمائية عديدة، والعالمي عمر الشريف في فِلم "المسافر".
* أسماء راحلة:
شهد عام 2009 رحيل عدد من الفنانين هم:
- الممثل شوقي شامخ ومن أشهر أفلامه "بيت القاصرات"، بينما من أشهر مسلسلاته "أرابيسك" و"لما التعلب فات" و"الشهد والدموع"
- الممثل ونقيب النقباء السيد راضي، والذي قدّم أكثر من 50 فِلما من أبرزها "الهروب من الخانكة" و"صراع الحفاد".
- الممثل محمود فرج والذي اشتهر بتقديم دور رجل العصابات في عدد من أفلام الخمسينات، إلى جانب تجسيده للعفريت في فِلم "الفانوس السحري" من بطولة إسماعيل ياسين.
- الممثل ممتاز أباظة الذي شارك في 12 فِلماً، منها "بنات في الجامعة" و"زوجة لخمسة رجال".
- الممثل محمود التوني، والذي عُرف بأدواره الثانوية الكوميدية، ومن أشهر أفلامه "أميرة حبي أنا" و"شلة الأنس".
- المنتج واصف فايز: ومن أشهر الأفلام التي أنتجها "رسالة إلى الوالي، وهاللو أمريكا، وليلة ساخنة، والجراج، وديسكو ديسكو، وسمارة الأمير، ومسجل خطر، وأبو كرتونة، وإمرأة واحدة لا تكفي".
* "إبراهيم الأبيض".. العودة لسينما العنف:
من أبرز معالم 2009 السينمائي هو العودة لسينما العنف من خلال فِلم "إبراهيم الأبيض" الذي عُرض في صيف هذا العام، ورآه الكثير من النقاد والجمهور أنه لم يكن اختياراً موفقاً من جانب بطله أحمد السقا في المقام الأول، خاصةً بعد آخر أفلامه "الجزيرة" الذي قدّمه قبل عامين، ونال عن أداءه فيه إشادة طيبة للغاية من أغلب رموز النقد في العالم العربي، وقد كانت أبرز الاتهامات الموجّهة للفِلم مشاهده العنيفة المغلّفة بكم كبير من الدماء، وخلو قصته التي من تأليف الممثل عباس أبو الحسن في أولى تجاربه كمؤلف من أي مضمون أو رسالة.. وقد وصل حد الهجوم على السقا في الفِلم إلى حد وصف البعض له بـ"الأكذوبة"!
* هيفاء وماريا ولاميتا ودومينيك.. وأول ظهور سينمائي:
شهد عام 2009 خوض المطربة اللبنانية هيفاء وهبي لأولى تجاربها السينمائية من خلال فِلم "دكان شحاتة" للمخرج خالد يوسف، والذي على الرغم من أنه كان من أبرز الأحصنة الفائزة في سباق الموسم السينمائي الصيفي بسبب رغبة الجمهور الفضولية في مشاهدتها فيه، خاصةً بعد كمّ الدعاية الذي سبق عرضه بشأن تأديتها لمشاهد ساخنة فيه، وحادثة اعتراض المصريين الشهيرة على تصويرها لبعض مشاهد الفِلم في جامع الحسين.. إلاّ أنه لم يحقّق لهيفاء النجاح على المستوى المهني؛ حيث رأى العديد من النقاد أنها كانت غير ملائمة تماماً لتجسيد الفتاة المصرية "بيسة" سواء في اللهجة أو ملابسها الضيقة التي لا تليق بفتاة صعيدية.
كذلك شهد عام 2009 الظهور السينمائي الأول لعدد من المطربات اللبنانيات هن ماريا في "بدون رقابة" للمخرج هاني جرجس فوزي، والذي تكرّر تعاونها معه في فِلم "أحاسيس" المرتقب عرضه في أول 2010، ودومينيك حوراني في فِلم "البيه رومانسي" مع محمد إمام في أول بطولة مطلقة له، وعارضة الأزياء لاميتا فرنجية في فِلم "حد سامع حاجة" مع رامز جلال.
* "إحكي يا شهرزاد" وموسم الهجوم على منى زكي:
قد يكون فِلم "إحكي يا شهرزاد" هو أكثر أفلام عام 2009 التي نالت نصيبها الوافر من الدعاية قبيل عرضها، وذلك من خلال حملة الهجوم الضخمة التي شُنّت على بطلته منى زكي، بدعوى ضمّ العمل لمشاهد غير لائقة لها شوّهت صورة "الفتاة الرقيقة" التي اعتاد جمهورها أن يشاهدها فيها.. والتي حاول بعض أصحاب النفوس الضعيفة أن يستغلّوها لخلق شائعات عن انفصال منى زكي وزوجها الفنان أحمد حلمي!
قد تكون منى زكي أرادت بهذا الفِلم فعلاً أن تخرج من نمط "الفتاة الرقيقة"، ولكن هذا هو الطبيعي لممثل يرغب في التجويد، وتطوير أدواته من فترة لأخرى، والدليل على هذا أنها اختارت لهذا الغرض مخرج تتعاون معه للمرة الأولى هو يسري نصر الله، المعروف بانفتاحه الفكري ونظرته غير التقليدية للأمور، وما أغفله الكثيرون هو أن منى زكي كانت واعية بالقدر الكافي في عدم إخابة ظن جمهورها؛ بتقديمها في الفِلم لحواء القرن الحادي والعشرين العصرية، والمناقشة لقضايا بنات جيلها دون أي رتوش، ولكن بصورة شرقية محافظة وغير خادشة للحياء كما صوّرها العديدون الذين سنّوا أقلامهم ضدها حتى قبل عرض الفِلم.
* "ولاد العم".. الصورة "الحقيقية":
وأثبتت منى زكي فعاليّة ذلك التطوير الذي نشدته في "إحكي يا شهرزاد" من خلال جديدها الثاني في 2009 "ولاد العم" في عيد الأضحى؛ بتجسيدها للزوجة المصرية التي خُدعت في زوجها الذي اتّضح أنه جاسوس إسرائيلي، وبراعتها القصوى بشهادة الجمهور والنقاد في التعبير عن المشاعر المتضاربة لتلك الشخصية إزاء زوجها بعد علمها بحقيقته المفزعة، خاصةً وسط محاولاته المستميتة طوال أحداث الفِلم لتبسيط الأمور عليها، وتقبّل الأمر الواقع بكل ترحاب.
كان فِلم "ولاد العم" بدون أدنى مبالغة "مسك الختام" لعام 2009، والذي يُحسب له أنه قدّم وللمرة الأولى في السينما المصرية الصورة "الحقيقية" لعلاقة إسرائيل بالعرب بعيداً عن كل معاهدات السلام، والتي تحوي في طيّاتها كل أنواع الشر في حال تضارب المصالح والأفكار، وذلك بفضل حبكة السيناريست الواعد عمرو سمير عاطف، المغلّفة بجو تخابر مثير، وتفوّق في تجسيدها على الشاشة كريم عبد العزيز وشريف منير ومنى زكي، وأخرجها ببراعة المحنّك شريف عرفة، لتكون المحصلة النهائية "توليفة" مضاهية لأفلام هوليوود الحركية حقّقت في الأسبوع الأول من عرضها فقط ثمانية ملايين جنيه! وهو ما يُثبت للعالم أن صنّاع السينما العرب قادرون على المنافسة عالمياً بتقديم سينما لا تخجل من مناقشة بعض قضاياها الحسّاسة بكل صدق وبحرفية عالية.
* حلمي ومكي.. نجاح مقتبس:
واصل أحمد حلمي بجديده هذا العام "1000 مبروك" السير على كوميديا فِلمه السابق "آسف على الإزعاج" الخاصة جداً والغير شائعة في عالمنا العربي.. لكن المفاجأة أنه كسب من خلالها الرهان بحوزها على إعجاب جمهوره من جميع الفئات والأعمار، وتوّجته دون منازع "ملك صيف 2009"، والتي امتد نجاحها والإقبال عليها حتى عيد الفطر المبارك! وهو ما يؤكد أن قاعدة "الجمهور عاوز كده" زائفة وليس لها أساس من الصحة.
وقد أشارت بعض التقارير الصحفية قبل عرض الفِلم أنه مقتبس عن الفِلم الأمريكي Groundhog Day إنتاج عام 1993 ومن بطولة بيل موراي، لكن حلمي استطاع تبرئة نفسه من ذلك الادّعاء بالإشارة في أول الفِلم إلى أن قصته مستوحاة عن أسطورة إغريقية، وهو ما يعني أن الفِلم الأمريكي نفسه مستوحى عنها.
فِلم آخر وُجّه له تهمة الاقتباس من فِلم أجنبي في 2009 هو "طير إنت" لأحمد مكي، حيث أُشير إلى أنه مستوحى عن فِلم Bedazzled، ولكنه رغماً عن ذلك لاقى إعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء، وكان من أبرز الرابحين في سباق الموسم السينمائي الصيفي.. والسر في ذلك هو تطوير أحمد مكي لأدواته التمثيلية عن فِلمه السابق "H دبور"، وظهر ذلك جلياً في براعته بتجسيد شخصيات عديدة ومتنوعة بالفِلم، إلى جانب تشيكله مع زميلته بالعمل دنيا سمير غانم "دويتو" لطيف راق للجميع، لا سيما في أغنية الفِلم "دوّر بنفسك".
* "بوبوس".. سقوط "الزعيم"!:
شهد عام 2009 وللمرة الأولى فشل أحدث أفلام "زعيم الكوميديا" عادل إمام "بوبوس" بتحقيقه لإيرادات متوسطة وأقل بكثير من إيرادات أفلام إمام السابقة، والذي لاقى عنه والفنانة يسرا هجوماً نقدياً حاداً بسبب كم الإفيهات الجنسية التي احتوته، والمشاهد الجريئة التي جمعت بينهما في الفِلم، والتي أشار بعض النقاد إلى أنها غير ملائمة لعمرهما.
* تامر حسني.. "حوت" إيرادات جديد
كثير من أفلام 2009 حازت على إشادات نقدية.. ولكن كان الفائز على المستوى الجماهيري فقط هو فِلم "عمر وسلمى 2" للمطرب تامر حسني الذي لم يختلف عليه اثنين، وحقّق للمرة الأولى إيرادات فاقت كل إيرادات أفلامه السابقة، ممّا يجعله ينضمّ لصفوة "حيتان" الإيرادات، ومنافساً شرساً لا يستهان به من قِبَل منافسيه في الأعوام المقبلة.
ويكمن سر نجاح تامر حسني السينمائي في امتلاكه قاعدة جماهيرية عريضة اكتسبها من الغناء، فضلاً عن إدراكه مبكراً أن السينما هي التي تحفظ التراث الغنائي للمطربين، لذا كان حريصاً على التواجد في السينما كل عام بخلطة مميّزة تلقى الإعجاب، وبالأخص بين المراهقين وصغار السن الذين يمثّلون النسبة الأكبر من جمهور السينما.
* هنيدي "أمير البحار".. الكبير كبير:
نافس محمد هنيدي ذلك العام بفِلم "أمير البحار" من تأليف يوسف معاطي في ثاني تعاون بينهما بعد "رمضان مبروك أبو العلمين حمودة"، والذي كان ندّاً لفِلم "ولاد العم" في تحقيق أعلى الإيرادات بعيد الأضحى المبارك، وناقش للمرة الأولى في السينما المصرية قضية "قرصنة السفن"، وأثبت هنيدي من خلاله أن مازال في جعبته الكثير كي يقدمه لجمهوره الذي بدأ معه مسيرة الثقة منذ فِلم "إسماعيلية رايح جاي"، وكان من أبرز ملامح الجذب إلى الفِلم المشهد الذي يردّد فيه محمد هنيدي عبارة "المصري ماينضربش"، وهو ما أثار مشاعر الكثيرين، رغم أن الفِلم تم تصويره قبل أحداث مباراة مصر والجزائر لكرة القدم.
* ثمانية مخرجين جدد:
شهد عام 2009 ميلاد ثمانية مخرجين، من بينهم المخرج محمود كامل الذي قدّم ثلاثة أفلام دفعةً واحدة وفي عام واحد هي "ميكانو " الذي شهد بالمناسبة أولى تجارب الفنان السوري تيّم حسن في السينما المصرية، و"عزبة آدم" و"أدرينالين"، وهو أمر لم يحدث حتى في تاريخ السينما العالمية، بالإضافة إلى المخرج إسماعيل فاروق الذي قدّم في ذلك العام فِلمين هما "إبقى قابلني" و"الأكاديمية".
* إنفلونزا الخنازير.. خسائر بشرية واقتصادية:
كان ظهور فيروس إنفلونزا الخنازير المعروف بـH1N1 في 2009 بمثابة "بعبع" هدّد السينما المصرية، حيث عقب إعلان وزارة الصحة العالمية عن تحوّل الفيروس إلى وباء عالمي، قام عدد كبير من أصحاب دور العرض بإغلاقها خوفاً من انتشار الفيروس، خاصةً وأنها أماكن مزدحمة وغير جيدة التهوية، وهو ما تسبّب في تراجع حاد بإيرادات الأفلام المعروضة، وخسائر مالية لشركات الإنتاج قُدّرت بملايين الجنيهات، وقد كان من الصور الطريفة التي صاحبت تلك الظاهرة قيام الشركة المنتجة لفِلم "المشتبه" بتوزيع الكمامات الطبية على الجمهور لمنع انتشار الفيروس من ناحية، ولتشجيع الدخول والإقبال على الفِلم من ناحيةٍ أخرى.
* مرور الكرام:
وكما الحال في كل عام، فقد عُرضت العديد من الأفلام التي مرّت مرور الكرام على المشاهد، وذلك إمّا لضعف مستواها الفني، أو لأنها ظُلمت بالعرض في توقيت غير مناسب، أو لعدم توافق عناصرها الفنية ببعضها البعض، وأبرزها "رامي الإعتصامي" لأحمد عيد، و"شعبان الفارس" لأحمد آدم، و"صياد اليمام" لأشرف عبد الباقي، و"الدكتاتور" لمايا نصري، و"إبقى قابلني"، و"الأكاديمية" الذي تبرأت منه بطلته علا غانم، و"أيام صعبة" لهشام عبد الحميد، و"أعز أصحاب" لأحمد فلوكس، و"حفلة زفاف" الذي شهد أولى تجارب محمد رياض في الإنتاج السينمائي، و"مجنون أميرة" للمخرجة إيناس الدغيدي، و"المشتبه" الذي تبرأ منه عمرو واكد، و"الحكاية فيها منة"، و"العالمي" ليوسف الشريف، و"دكتور سيليكون" للمطربة اللبنانية مروى.
* نقابة الممثلين.. سيطرة نسائية:
شهدت انتخابات نقابة المهن التمثيلية هذا الشهر حدثاً هو الأول من نوعه في تاريخ النقابة، وهو فوز ثلاث فنانات هن نهال عنبر ونشوى مصطفى وصابرين بعضوية مجلس النقابة، بعد أن جرت العادة أن يضمّ المجلس سيدة واحدة على أقصى تقدير، والتي كانت ممثلة المرأة فيها هي الفنانة فاطمة مظهر.
* تألّق الكبار:
كان عام 2009 فرصة لمشاهدة بعض النجوم الكبار الذين أضفى حضورهم على الشاشة الفضية بريقاً من نوع خاص، ومنهم محمود عبد العزيز الذي تألّق في شخصية "عبد الملك زرزور" بفِلم "إبراهيم الأبيض"، ومحمود ياسين في "الوعد" و"عزبة آدم"، وإلهام شاهين في "خلطة فوزية" و"واحد – صفر" اللذان نالت عنهما نصيباً وافراً من الجوائز من مهرجانات سينمائية عديدة، والعالمي عمر الشريف في فِلم "المسافر".
* أسماء راحلة:
شهد عام 2009 رحيل عدد من الفنانين هم:
- الممثل شوقي شامخ ومن أشهر أفلامه "بيت القاصرات"، بينما من أشهر مسلسلاته "أرابيسك" و"لما التعلب فات" و"الشهد والدموع"
- الممثل ونقيب النقباء السيد راضي، والذي قدّم أكثر من 50 فِلما من أبرزها "الهروب من الخانكة" و"صراع الحفاد".
- الممثل محمود فرج والذي اشتهر بتقديم دور رجل العصابات في عدد من أفلام الخمسينات، إلى جانب تجسيده للعفريت في فِلم "الفانوس السحري" من بطولة إسماعيل ياسين.
- الممثل ممتاز أباظة الذي شارك في 12 فِلماً، منها "بنات في الجامعة" و"زوجة لخمسة رجال".
- الممثل محمود التوني، والذي عُرف بأدواره الثانوية الكوميدية، ومن أشهر أفلامه "أميرة حبي أنا" و"شلة الأنس".
- المنتج واصف فايز: ومن أشهر الأفلام التي أنتجها "رسالة إلى الوالي، وهاللو أمريكا، وليلة ساخنة، والجراج، وديسكو ديسكو، وسمارة الأمير، ومسجل خطر، وأبو كرتونة، وإمرأة واحدة لا تكفي".